حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
انتقاصه لمعاوية:
واستدل القائلون بتشيع المأمون إلى أنه أمر بسب معاوية بن هند وانتقاصه في جميع أنحاء العالم الاسلامي، فقد أمر أن ينادي المنادي " أن برئت الذمة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (1).
وهذا لا يصلح دليلا على تشيع المأمون لان معاوية قد انكشف، وظهر واقعه، فقد تسالمت على قدحه جميع الأوساط، وانه الخصم اللدود للاسلام، وانه صاحب الاحداث والموبقات.
استدلاله على امامة الإمام علي:
ومن أهم ما استدل به القائلون على تشيع المأمون عقده للمؤتمرات العلمية، واستدلاله ببالغ الحجة على امامة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وانه القائد الأول للمسيرة الاسلامية بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وهو أولى بمقامه، وأحق بمركزه من غيره.
ومن أروع المؤتمرات التي أقامها المأمون في بلاطه، ومن أكثرها أهمية هذا المؤتمر الذي حضره أربعون من علماء الحديث، وعلماء الكلام انتخبهم يحيى بن أكثم من بين علماء بغداد، وقد أدلوا بحججهم على ما يذهبون إليه من تفضيل الخلفاء على الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا ان المأمون فند حججهم بأدلة حاسمة دلت على براعته واطلاعه الواسع في البحوث الكلامية، ونحن ننقل النص الكامل لهذه المناظرة الرائعة لما لها من الأهمية البالغة، وفيما يلي ذلك:
المأمون:
ولما مثل العلماء أمام المأمون، التفت إليهم بعد ترحيبه بهم، فقال لهم:
" إني أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي حجة، فمن كان حاقنا (2) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا، وسلوا خفافكم، وضعوا أرديتكم ".

(1) مروج الذهب 3 / 361.
(2) الحاقن: الذي يضايقه البول.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست