حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٥٤
وأما قوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا وظن أن لن نقدر عليه) انما ظن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عز وجل: (وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه) (1) أي ضيق عليه رزقه ولو ظن أن الله لا يقدر عليه فقد كفر.
وأما قوله عز وجل في يوسف: ولقد همت به وهم بها) فإنها همت بالمعصية، وهم يوسف بقتلها ان أجبرته لعظم ما تداخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله عز وجل: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) يعنى القتل والزنا.
والتفت الامام إلى علي بن الجهم فقال له:
" فما يقول من قبلكم فيه؟... ".
وأخذ علي بن الجهم يتلو على الامام ما أثر عنهم في تفسير الآية قائلا:
" يقولون: إن داود (عليه السلام) كان في محرابه يصلي، فتصور له إبليس على صورة طير، أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته، وقام ليأخذ الطير، فخرج الطير إلى الدار، ثم خرج الطير إلى السطح، فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان، فاطلع داود في أثر الطير، فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، وكان قد خرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا إلى التابوت، فقدم، فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت، فقدم فقتل أوريا، فتزوج داود بامرأته.. ".
وفي هذه الرواية نسبة الفحشاء والمنكر إلى نبي من أنبياء الله تعالى، مضافا إلى ما احتوته من الخرافة، من ملاحقة داود إلى الطير، وقد تأثر الإمام (عليه السلام) منها، وقال:
" إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل.. ".
وانبرى ابن الجهم يطلب من الامام ايضاح الامر منه قائلا:
" يا بن رسول الله، فما كانت خطيئته؟... ".
وأجابه الامام بما هو الواقع من قصة داود قائلا:
" إن داود ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله، عز

(1) سورة الفجر / آية 16.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست