قد أخذهم بلبس السواد، ومنعهم من الدخول عليه.. وأنه كان يختلهم واحدا فواحدا حسب ما كتب إليه عبد الله بن موسى.
وسيأتي بيان أنه قتل سبعة من إخوة الإمام (ع). وأنه أمر الولاة والحكام بالقبض على كل علوي.
وأما ما ذكره أحمد أمين: من كثره خروج العلويين عليه.
فإننا لم نجد، ولم نسمع ذكرا في التاريخ لثورة قامت ضد المأمون، بعد وفاة الرضا (ع) إلا ثورة عبد الرحمن بن أحمد في اليمن، والتي كانت باتفاق المؤرخين بسبب جور العمال، وظلمهم.. وسوى ثورة إخوة الإمام الرضا (ع) طلبا بثأر أخيهم كما سيأتي..
ولم يبق ثمة إلا نسبة فكرة اغتيال الرضا (ع) إلى الشيعة.. وأنهم إنما اختلقوها وابتدعوها بدافع من الشعور بالحاجة إلى مثل هذه التزويرات، إذ قد كتب إلخ..
فهي دعوى تكذبها جميع الشواهد والدلائل التاريخية.. هذا بالإضافة إلى أن السنة قد اتهموا المأمون بهذه التهمة، قبل اتهام الشيعة له بها، والشيعة إنما يعتمدون في ذلك على كتب أهل السنة، التي استفاضت في اتهام المأمون بذلك، والتي يؤيدها الكثر مما قدمناه في هذا الكتاب، وغيره..
وهكذا.. يتضح أن كل ما ذكره هؤلاء لا يصلح مانعا ولا دليلا على أن المأمون لم يكن وراء استشهاد الإمام (ع).. بل جميع الدلائل والشواهد متضافرة على خلاف ذلك حسبما فصلناه في الفصلين المتقدمين وغيرهما، ولولا أن تعداد مواقف المأمون مع الإمام وتصريحاته يستلزم تكرارا نربأ بالقارئ الفطن أن يضطرنا إليه.. لا استطعنا أن نحشد الكثير الكثير من الدلائل والشواهد، التي تؤكد سوء نية المأمون، وخبث طويته تجاه الإمام (ع).. فما استند إليه هؤلاء في حكمهم ذاك،