وأبو الفداء، وابن العبري، واليافعي وابن خلكان.. كانوا من أولئك الذين ظلموا الحقيقة والتاريخ، بل وأنفسهم، عندما أرخوا للأمة الإسلامية، وكتبوا في أحوالها، وأوضاعها السالفة، دون أن يراعوا الإنصاف والحيدة فيما أرخوا، وفيما كتبوا..
ولعل من جملة سقطات هؤلاء الشنيعة، التي لم يخف على أحد تعصبهم فيها، وانقيادهم للحكام، والهوى الأعمى في بيانها، قضية:
" كيفية وفاة الإمام الرضا (ع).. "، حيث ذكروا: أن سبب وفاته (ع) هو أنه: " أكل عنبا، فأكثر منه، فمات.. " (1).
وكان ابن خلدون، الأموي النزعة، يريد أن يتابعهم في ذلك، حيث قال في تاريخه: " ولما نزل المأمون مدينة طوس، مات علي الرضا فجأة، آخر صفر من سنة ثلاث ومائتين، من عنب أكله. " (2).
ولعله نسي ما ذكره هو نفسه من ثورة إبراهيم بن موسى على المأمون لاتهامه إياه بقتل أخيه. كما سيأتي.
ما عشت أراك الدهر عجبا:
وهو كلام عجيب حقا:
فهل يعقل ويتصور أن يصدر هذا العمل من أي إنسان عادي، فضلا عن الإمام، الذي شهد بعلمه، وحكمته، وزهده، كل من عرفه، وكل من أتى من المؤرخين على ذكره؟!.