النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢٤٥
قال عمر: فجعلت أتعوذ بالله من الشيطان الرجيم حياء، فما أصابني قط شئ مثل ذلك اليوم.
فكان ابن عباس رضي الله عنه يقول: قال لي عمر في خلافته، وذكر القضية: " إرتبت ارتيابا لم أرتبه منذ أسلمت الا يومئذ، ولو وجدت ذلك اليوم شيعة تخرج عنهم رغبة عن القضية لخرجت.
قال أبو سعيد الخدري: جلست عند عمر بن الخطاب يوما، فذكر القضية فقال: لقد دخلني يومئذ من الشك، وراجعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يومئذ مراجعة ما رجعته مثلها قط.
والله لقد دخلني يومئذ من الشك حتى قلت في نفسي: لو كنا مائة رجل على مثل رأيي ما دخلنا فيه أبدا!.
قال عمر: فوثبت إلى أبي جندل أمشي إلى جنبه، وسهيل بن عمرو يدفعه، وعمر يقول : اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون، وانما دم أحدهم دم كلب، وانما هو رجل وأنت رجل ومعك السيف! فرجوت أن يأخذ السيف ويضرب أباه، فظن الرجل بأبيه، فقال عمر:
يا أبا جندل، ان الرجل يقتل أباه في الله، والله لو أدركنا آباءنا لقتلناهم في الله، فرجل برجل!
قال: وأقبل أبو جندل على عمر فقال: مالك لا تقتله أنت؟
قال عمر: نهاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قتله وقتل غيره.
قال أبو جندل: ما أنت أحق بطاعة رسول الله مني!.
وقال عمر ورجال معه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ألم تكن حدثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام... الخ " (1).
انظر عزيزي القارئ إلى تشكيك هذا الرجل بعصمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعدم انقياده إلى أوامره.
وبعد ذلك يأتي بعض من عاصرناه ليقول: ان اعتراض عمر فيه دليل على وعي الصحابة !!
أجل! أصبحت معصية الرسول وعيا يقتدى بها!
أصبح افشال ونقض الصلح الذي أمر به الله عز وجل ونفذه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي لا

1 - المغازي للواقدي: غزوة الحديبية 2 / 606 - 609، وأمتاع الاسماع للمقريزي: 1 / 292 - 293 وهو بنفس ألفاظ الواقدي تقريبا باستثناء تعوذ عمر فان فيه بدل " حياء ": حينا.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»