النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢٤١
* وقال البلاذري رواية عن ابن عباس: قال: " ائتوني بالدواة والكتف أكتب لكم كتابا لا تضلون معه بعدي أبدا ".
فقالوا: أتراه يهجر. وتكلموا ولغطوا. فغم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأضجره.
فقال: " إليكم عني ".
ولم يكتب شيئا (1).
وقال القاضي عياض: قوله ما شأنه هجر، وان رسول الله ليهجر وكذا عند أبي ذر، وفي باب الجوائز: هجر، وعند مسلم في حديث إسحاق: يهجر، وفي رواية قبيصة هجر (2).
وقال القسطلاني في معرض ذكر ألفاظ الحديث: فقال بعضهم: انه قد غلبه الوجع، - فقالوا ما شأنه يهجر استفهموه - وعن ابن سعد " ان نبي الله ليهجر " (3).
* قال الامام الغزالي: لكن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، فقال عمر: بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، فهذا تسليم ورضى وتحكيم. ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرياسة [حبا للرياسة] وحمل عمود الخلافة، وعقود النبوة [وعقد البنود] وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار [وأمر الخلافة ونهيها فحملهم على الخلافة] وسقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول، فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا [فبئس ما يشترون] ولما مات رسول الله قال قبل وفاته [بيسير] ائتوني بدواة وبياض لأزيل لكم اشكال الامر وأذكر لكم من المستحق لها بعدي [لأكتب لكم كتابا لا تختلفوا فيه بعدي] قال عمر رضي الله عنه: " دعوا الرجل فإنه ليهجر " (4).
وقال ابن حزم في الحديث وضرره على الاسلام: وبالجملة فالكتاب كان رافعا لهذا النزاع (الاختلاف فيمن يلي أمر المسلمين بعده) ولو لم يكن فيه إلا الاستراحة من سفك الدماء

١ - انساب الاشراف: ١ / ٥٦٢ ح ١١٤١ أمر الرسول حين بدئ، واختصره في مجمع الزوائد: ٤ / ٣٩١ كتاب الوصايا - باب (٨) - وصية رسول الله ح ٧١٠٩.
٢ - مشارق الأنوار على صحاح الآثار: ٢ / ٣٣٣ حرف الهاء فصل الاختلاف والوهم.
٣ - فتح الباري شرح صحيح البخاري: ٨ / ١٦٨ - ١٦٩ ح ٤٤٣٢ كتاب المغازي باب مرض النبي (٨٤).
٤ - سر العالمين وكشف ما في الدارين: ١٠ - ١١ المقالة الرابعة، وتذكرة الخواص: ٦٤ - ٦٥ الباب الرابع في ذكر الخلافة (عليه السلام) عن الرسالة المذكورة: 9 - وما بين المعقودين من التذكرة.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»