النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢٠٨
خاصة مع ملاحظة ان عليا هو الذي كان يأتيهما بالطعام، فهو هاجر معهم وتأخر عنهم لمصلحة عامة، أهم من المكوث في الغار، ثم دخل المدينة معهم (1).
ان قيل: عندما تطلق الهجرة يراد بها الهجرة إلى المدينة والتي سبق إليها أبا بكر.
قلنا: أولا: هذا لا يفيد امامة أبي بكر فهو اخر من هاجر إليها.
ثانيا: لا نسلم تقدم هجرة أبي بكر إليها، بل نقول بتقدم هجرة علي لنزوله على ما نزل عليه الرسول (صلى الله عليه وآله)، فالهجرة هجرة للرسول والبقية تبع له.
ثالثا: لا نسلم ذلك الاطلاق، فالهجرة كما تطلق عليها تطلق أيضا على هجرة النبي إلى القرى، كما تقدم، وكذلك تطلق على هجرة المسلمين إلى ارض الحبشة.
قال رسول الله لأسماء بنت عميس عندما عنفها عمر لتأخير هجرتها: " بلى لكم هجرتان هجرتكم إلى الحبشة وهجرتكم إلى المدينة ". صححه الحاكم والذهبي (2).
لذا إذا أردنا ان نأخذ بمضمون الأحاديث التي تجعل التقدم للأسبق هجرة بقول مطلق، فإننا نقف امام حيرة، سواء من ناحية مكان الهجرة أو صفتها.
فلا بد من إرادة نوع خاص من الهجرة، وهي ما ذكرنا من هجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) إلى احياء العرب.
اي الهجرة الأولى والأسبق، وبذلك يصدق ان عليا أول من هاجر مع رسول الله أو إلى الله سبحانه وتعالى.
نعم إذا فسرنا الهجرة بهجرة الحبشة، فلا تفيد فيما نحن فيه، لان المهاجرين إليها لا سبيل للقول بإمامتهم.
وان فسرت الهجرة بالهجرة إلى المدينة بقول مطلق فأيضا، لان أبي بكر ليس بأول سابق إليها.
نعم، يبق ان نرجح بصفة الهجرة والاخلاص فيها، ولو لقول عثمان: " من زعم أنه خير من

١ - مناقب الكوفي: ١ / ٣٦٤ ح ٢٩٢، والاحتجاج: ١ / ١٤١ احتجاج علي يوم الشورى.
٢ - المستدرك: ٣ / 212 كتاب معرفة الصحابة - ذيل مناقب جعفر بن أبي طالب.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»