شبهة سكوت الأمير عن الخلافة جاء في أدلة القوم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لو كان منصوصا عليه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما سكت عن حقه، ولطلب الخلافة.
ويرد هذه الشبهة أمور:
أولا: لم يسكت أمير الموحدين عن مطالبته بالخلافة بالوقت المناسب، وذلك بعد دفن وتشييع رسول البشرية (صلى الله عليه وآله).
وقد ذكره جملة من الحفاظ منهم الجوهري وابن أبي الحديد واليعقوبي وابن قتيبة (1).
ثانيا: كانت فكرة البيعة قبل دفن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) تنافي كون الخلافة لمرضاة الله أو لإقامة حكم الله، وتنافي كون الخليفة ظل الله في الأرض.
فكانوا يريدوا أن يحرفوا الخلافة عن مفهومها ويبدلوها بالزعامة والملك، التي تؤخذ بالبيعة والقوة والتهديد الرشوة!
مالوا إلى الدنيا والى الملك وحب الرياسة كما عبر الغزالي فيما تقدم.
ثالثا: لم يجد الأمير من يعينه على النهوض، فقد مالي الناس مع الهوى والسلطة الحاكمة ، فزعا أو اغراء، أو تهديدا، أو جهلا.
حتى روي عنه أنه لو وجد سبعة ما ترك الخلافة (2).
وقد تقدم في تصريحاته أن علة مبايعته لابي بكر هو خوفه من ارتداد الناس.
رابعا: أخرج الديلمي في الفردوس قول النبي الأعظم لعلي (عليهما السلام): " يا علي انما أنت بمنزلة الكعبة تؤتا [تؤتى ولا تأتي] ولا يأتي فان أتاك هؤلاء القوم فسلموا [فمكنوا] لك هذا الامر فاقبله منهم وإن لم يأتوك فلا تأتهم " (3).
وأخرج ابن عساكر عن النبي (صلى الله عليه وآله): " علي كالكعبة الحج إليها فريضة " (4).