النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ١٩٨
" ايها الناس ان لكم في هذه الآيات عبرة لتعلموا ان الله جعل الخلافة والامر من بعد الأنبياء في أعقابهم، وأنه فضل طالوت وقدمه على الجماعة باصطفائه إياه وزيادته بسطة في العلم والجسم، فهل تجدون الله اصطفى بني أمية على بني هاشم، وزاد معاوية علي بسطة في العلم والجسم " (1).
وعن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في وصف الإمامة والامام: " ان الأنبياء والأئمة يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه مالا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق كل علم اهل زمانهم في قوله عز وجل:
* (أفمن يهدي إلى الحق أحق ان يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون) *.
وقوله عز وجل في طالوت: * (ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم...) * " (2).
قال القرطبي: يجب ان يكون أفضلهم في العلم لقوله (صلى الله عليه وسلم) أئمتكم شفعاؤكم فانظره بمن تتشفعون، وفي التنزيل في وصف طالوت: * (ان الله اصطفاه عليكم وزاده) * (3).
وقال الفخر الرازي في معرض تفسير الآية: ان هذه الآية تدل على بطلان قول من يقول:
ان الإمامة موروثة، وذلك لان بني إسرائيل أنكروا ان يكون ملكهم من لا يكون من بيت المملكة، فأعلمهم الله تعالى ان هذا ساقط، والمستحق لذلك من خصه الله تعالى بذلك.
إلى أن قال: إن العلم بأمر الحروب والقوي الشديد على المحاربة يكون الانتفاع به في حفظ مصلحة البلد، وفي دفع شر الأعداء أتم من الانتفاع بالرجل النسيب الغني إذا لم يكن له علم بضبط المصالح، وقدرة على دفع الأعداء فثبت بما ذكرنا أن اسناد الملك إلى العالم القادر أولى من اسناده إلى النسيب الغني (4).
وقال سيد المفسرين: الغرض من الملك ان يدبر صاحبه المجتمع تدبيرا يوصل كل فرد من أفراده إلى كماله اللائق به، ويدفع كل ما يمانع ذلك، والذي يلزم وجوده في نيل هذا

١ - تفسير نور الثقلين: ١ / ٢٤٥ ح ٩٧٠.
٢ - تفسير نور الثقلين: ١ / ٢٤٥ ح ٩٧٤.
٣ - تفسير القرطبي: ١ / 231.
4 - تفسير الفخر الرازي: 6 / 173 - 174 مورد الآية.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»