الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ٣٦٠
إبراهيم الخليل جارى قومه:
وهكذا كانت حال إبراهيم الخليل (ع) في ابتداء شانه، كان يخادع قومه على الايمان، ويدخل معهم في أمورهم، حتى استوسق له مراده فإنه كان من مخادعته لهم أنه كان يعمد إلى طعام طيب فيجعله في طبق ويضعه قدام الأصنام ويقول: ﴿ألا تأكلون، مالكم لا تنطقون﴾ (١) مع علمه أن الأصنام لا تنطق ولا تأكل، ولكنه قصد اعلام قومه بوجه لطيف أن هذه الأصنام لا تنفع، ولا تضر (٢)، ولا تسمع، ولو كان قال لهم ابتداء " إن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر لكان يعيرهم بها، ويعرض نفسه لما لا قبل له به من أذاهم، حتى إذا خلا (٣) بالأصنام اخذ معولا " وجعلها جذاذا " (٤) كما حكى الله تعالى عنه، فلما رأوا ما صنع بالأصنام أنكروا ذلك وأكبروه، وقالوا: ﴿أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه إن كانوا ينطقون﴾ (5) مع علمه أن المشار إليه صنم جماد لا يفعل شيئا " من ذلك، وإنما أراد أن يعلم قومه أن هذه

(١) الصافات: ٩١ - ٩٢.
(٢) في ص زيادة: (ولا تضر ولا ترى).
(٣) في ص و ح: (ولما خلا).
(٤) الجذ: بمعنى الكسر، وقطع ما كسر الواحدة جذاذة. والجذاذ بالفتح:
فصل الشئ عن الشئ. (البستان: م / جذذ).
(٥) الأنبياء: ٦٢ - 63.
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»