الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ٣٥٨
فلولا ما أخبرتك به من مخالطته لهم، وإخفاء دينه عنهم لما قدر على مثل هذه الأفعال التي قام بها الدين، وأدحضت كلمة الكافرين.
مثل مؤمن قريش كمثل مؤمن آل فرعون:
ثم لم يزل أهل الايمان، وذوو البصائر كالأنبياء (ع) والصالحين يكتمون إيمانهم من قومهم وعشائرهم لاقتضاء المصلحة كمؤمن آل فرعون الذي قص الله تعالى قصته في كتابه، فقال عز وجل: ﴿وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه، أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم وان يك كاذبا فعليه كذبه، وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم، إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾ (1).
فإن كان أبو طالب بكتمان إيمانه، وإخفاء اسلامه كفر، فكذلك هذا الذي قد سماه الله في كتابه مؤمنا "، ثم شهد عليه أنه يكتم إيمانه قد كفر بكتمان إيمانه إذ كان كتمانه الايمان هداية، وهذا مؤمن آل فرعون كانت حاله مع قومه كحال أبي طالب - رضي الله عنه - مع قريش فإنه (2) كان يخفى عنهم حاله، ويدخل معهم بيوت متعبداتهم، ويقسم بمعبودهم، ويأكل من مأكولهم، ويشرب من مشروبهم، حتى تم له ما كان يسره من التوحيد بالله تعالى، ولم يعلموا بحاله حتى جاءهم موسى عليه السلام فقال: (أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم) ثم قدم لهم (وإن يك كاذبا " فعليه كذبه) حتى يخفى عليهم موضع عنايته به ولم يقل وهو صادق، وإنما قال (وإن يك صادقا)

(١) غافر: ٢٨.
(2) في ص: (لأنه).
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»