ومن الوقت إلى وقت ارتقابا لما تحقق عنده من ظهور أمر رسول الله - صلى الله عليه وآله - فلولا أنه مداخل (1) قريش في جميع أمورهم وكونه يخفي إسلامه عنهم، ويكتم إيمانه منهم لما قصدوه، وشكوا إليه بل كانوا يقاتلونه وينابذونه، ويتركونه ولا يقصدونه، ولو كانوا لما اشتكوا إليه، وقالوا له: إنك على رأينا.. الخ (2)، قال لهم: أنا مؤمن، ولست على رأيكم لكانوا سووا بينه وبين النبي - صلى الله عليه وآله - في الخصومة، واجتمعوا عليهما جميعا، ووجهوا أذاهم إليهما.
أبو طالب يثأر لعثمان بن مظعون:
وكذلك لما كان عثمان بن مظعون الجمحي - رضي الله عنه - يقف بباب الكعبة، ويعظ الناس أن لا يعبدوا الأصنام، فوثبت (3) عليه فتية من قريش، وضربوه (4)، فوقعت ضربة أحدهم على عينه ففقأتها فبلغ أبا طالب ذلك فغضب له غضبا " شديدا "، وقام في أمره حتى فقأ عين الذي فقأ عينه، وكانوا قد اجتمعوا إلى أبي طالب وناشدوه أن يدعها ويدون له الدية، فاقسم لهم: إني لا أرضى حتى (5) أقلع عين الذي قلع عينه.