قال: بينا انا بالبقاع من نمرة (1)، إذ أقبلت عير من أعلى نجد حتى حاذت الكعبة، وإذا غلام قد رمى بنفسه من (2) عجز بعير، حتى أتى الكعبة، وتعلق بأستارها، ثم نادى يا رب البيت أجرني، فقام إليه شيخ جسيم وسيم، عليه بهاء الملوك، ووقار الحكماء. فقال: ما خطبك يا غلام؟
فقال: إن أبي مات وأنا صغير، وإن هذا الشيخ النجدي قد (3) استعبدني وقد كنت اسمع أن لله بيتا " يمنع من الظلم. فجاء النجدي فجعل يسحبه ويخلص أستار الكعبة من يديه، فأجاره القرشي، ومضى النجدي، وقد تكنعت (4) يداه.
قال عمرو بن خارجة: فلما سمعت الخبر قلت: إن لهذا الشيخ لشأنا ".
فصوبت رحلي نحو تهامة (5)، حتى وردت إلى الأبطح، وقد أجدبت الأنواء، وأخلقت العواء، وإذا قريش حلق (6) قد ارتفعت لهم ضوضاء فقائل يقول: استجيروا باللات والعزى، وقائل يقول: بل استجيروا بمناة الثالثة الأخرى. فقام رجل من جملتهم يقال له: ورقة بن نوفل (7)