أقول: ليس بخاف على ذي لب مغزى اصرار المأمون على تولية الإمام الرضا - عليه السلام - لمنصب ولاية العهد، وتبدو هذه الصورة واضحة عند استقراء الاحداث التي سبقت أو رافقت هذه المؤامرة المحكمة.
فعندما قدم هارون الرشيد ولده الأمين رغم اقراره ومعرفته بقوة شخصية المأمون وذكائه قياسا بأخيه المدلل الذي لا يشفع له إلا مكانة أمه زبيدة الحاكمة في قصر الرشيد، كان يعني ذلك ايذانا بقيام الفتنة التي حصلت من بعد وراح ضحيتها عشرات الألوف وعلى رأسهم الأمين الذي وقف العباسيون إلى صفه وقاتلوا معه، ولما انتقلت السلطة بأكملها إلى المأمون المستقر في خراسان والمدعوم بأهلها آنذاك، فقد واجه خطر نقمة أكثر العباسيين وعدائهم له وتحينهم الفرص السانحة للانقضاض عليه وعلى حكمه.
وفي الجانب الآخر كان الشيعة في كل مكان يرفضون ويناصبون الخلافة العباسية العداء نتيجة سوء صنيعهم وظلمهم للعلويين ولآل البيت خاصة، والذين يشكل شيعة خراسان جانبا مهما منهم.