ولما انتشر علم الإمام وفضله، أخذت الأفئدة والقلوب تشد إليه، وفي الأمة الإسلامية رجال واعون يميزون الحق من الباطل، فكثر التفاف المسلمين حول الإمام الرضا - عليه السلام - وازدادت أعدادهم، مما دفع بالخلافة العباسية إلى محاولة سحب البساط من تحت أرجل الإمام - عليه السلام - وأعوانه قبل أن تستفحل الأمور ويصعب السيطرة على الموقف بعدها، فلجا المأمون إلى مناورة ذكية ماكرة استطاع من خلالها قلب تيار الأحداث لصالحه، حيث استقدم الإمام الرضا - عليه السلام - وجملة من وجوه الطالبيين إلى مقر الحكومة آنذاك في مرو من مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، معززين مكرمين حتى أنزلوهم إلى جوار مقر الخلافة ريثما يلتقي المأمون بالإمام علي بن موسي - عليه السلام -.
وما كان من المأمون إلا أن بعث إلى الإمام الرضا - عليه السلام - قبل اجتماعه به:
إني أريد أن أخلع نفسي من الخلافة وأقلدك إياها فما رأيك؟ فأنكر الرضا - عليه السلام - هذا الامر وقال له: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد فرد عليه الرسالة: فإذا أبيت ما عرضت عليك فلابد من ولاية العهد بعدي، فأبى عليه الرضا اباء شديدا.
فاستدعاه وخلا به ومعه الفضل بن سهل ذو الرياستين - ليس في المجلس غيرهم - وقال له:
إني رأيت أن أقلدك أمر المسلمين وأفسخ ما في رقبتي وأضعه في رقبتك.
فقال له الرضا - عليه السلام -: الله الله يا أمير المؤمنين إنه لا طاقة لي بذلك ولا قوة لي عليه.