لكن القتال لم يبدأ مع ذلك في عام الهجرة الأول، الذي مضى كله احتشادا للجهاد وتنظيما للمجتمع الاسلامي في مركزه بالمدينة، واكتشافا لأبعاد الميدان في منطقة كانت، حتى المبعث ولمدى خمسة قرون قبله، ترعى فيها الذئاب من يهود.
ولم يكن هينا على المهاجرين والأنصار، أن يأتي موسم الحج في عام الهجرة الأول، وقد حيل بينهم وبين أداء فريضة الحج والسعي إلى بيت الله الحرام الذي يسيطر عليه المشركون وكدسوا أوثانهم في ساحته، وأباحوه لكل الوثنيين العرب، وصدوا عنه المؤمنين الذين يعبدون رب هذا البيت لا يشركون به شيئا.
ومع مطلع السنة الثانية للهجرة، بدأ المصطفى عليه الصلاة والسلام يخرج في غزوات قصار، تدريبا لجنده من حزب الله، وإقرارا لهيبة الاسلام في موقعه الجديد.
كما بدأ عليه الصلاة والسلام يبعث سراياه لتجوب المنطقة ما بين مكة والمدينة، وأولاهما مركز الوثنية العربية، والأخرى مركز الدعوة الاسلامية.
ولم تكن هذه السرايا قاصدة إلى قتال، وإنما كانت دوريات استطلاع تترصد أبناء قريش في منطقة الحجاز (1).