الدنيا عن ذلك المبنى البسيط المتواضع الذي لم يلبث سنا جلاله أن كسف كل ما عرفت الدنيا من قصور لكسرى وقيصر وفرعون، أو نجاشي وملك وامبراطور.
وفى الاحياء اليهودية الناشبة في المدينة وما حولها من مستعمراتهم شمالي الحجاز، دور مشيدة وحصون منيعة، تطل على المبنى البسيط المتواضع لنبي الاسلام، فيبدو لها فقيرا أشد الفقر.
ويلتقط أهلها ما يتلو المصطفى من كلمات ربه في الحث على الانفاق في سبيل الخير، قرضا لله تعالى، فتذيع قالتهم الفاحشة:
(إن الله فقير ونحن أغنياء)!
في تلك الأيام الأولى بدار الهجرة، نزل المصطفى صلى الله عليه وسلم بدار صاحبه (أبي أيوب الأنصاري) ريثما تم بناء المسجد والحجرات حوله.
أما صحابته المهاجرون، فنزلوا على الأنصار من الأوس والخزرج، وقد آخى الرسول بينهم.
واختار صلى الله عليه وسلم ابن عمه (علي بن أبي طالب) فجعله أخاه.
وهكذا ذهب كل أنصاري بأخ له من المهاجرين، وذهب علي بن أبي طالب بالمصطفى أخا.
وأغلقت دور المهاجرين بمكة.
وتركت مهجورة موحشة خلاء.