مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١٧٦
إلى أن شب (مالك بن العجلان) أخو بني سالم بن عوف بن الخزرج، وسوده الحيان من بني قيلة، فكان الذي تصدى لأفاعي يهود وقتل بضعة وثمانين من رؤوسها، فانكمشوا خائفين يلعنونه في بيعهم ومعابدهم كلما دخلوها. ولجأوا إلى أحياء العرب يستجدون الحماية والجوار (وقد ذلوا وانكسرت شوكتهم وقل امتناعهم).
وإنما مكن لهم من يثرب بعد ذلك، ما شب بين الأوس والخزرج من خصام خب فيه يهود ووضعوا، وسهروا على إلهاب ضرامه لتخلو لهم الأرض الطيبة.
وبدأت مرحلة مظلمة في تاريخ يثرب، استغرقت بضعة قرون قبل الاسلام - من القرن الأول إلى السادس للميلاد - لم تنطفئ فيها نار الحروب بين الأوس والخزرج، في كل حرب منها نلمح أثر اليهود في تدمير الوجود العربي هناك (1).
وآذن العصر الجاهلي بمغيب، وهذا العدو الخبيث يتربص بالأوس والخزرج الدوائر، ليميل مع المنتصر منهما ويسلب المهزوم.
والمستعمرات اليهودية في شمال الحجاز تزداد ثراء بما تستنزف من خير الأرض. ومرافق البلاد الحيوية في قبضة مخالب الذئاب الفارة من مخالب النسر الروماني.
وقد كانت آخر حرب بين الأوس والخزرج، يوم بعاث قبل بيعة العقبة الكبرى بأربع سنوات. ودور يهود فيها معروف مشهور:

(1) بمزيد تفصيل، في الباب الثاني من كتابي (أعداء البشر).
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست