مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١٥١
به إلى بلده، وأن يحذر عليه شر يهود!) (1).
وقد مر على ذلك التحذير نحو أربعين سنة، نسي فيها بنو هاشم ما كان، وغاب صوت الراهب التقي العابد في ضجيج الاحداث وكر السنين. حتى بدا لقريش ان تستفتي في أمر محمد، هؤلاء اليهود الذين ذكرهم الراهب بحيرى لعمه أبي طالب، وحذره على ابن أخيه من شرهم.
وإذ لم يكن في استطاعة بنى هاشم أن يردوا قومهم قريشا عما أرادوا، وقد فسد ما بينهم منذ انحازوا إلى أبى طالب في منع محمد ابن عبد الله من قريش، لم يبق إلا أن ينتظروا وتنتظر مكة كلها، ما يكون من فتوى يهود.
أخذ (النضر بن الحارث، وعقبة بن معيط) طريقهما إلى يثرب، موفدين من قريش إلى أحبار يهود، التماسا لرأيهم في أمر محمد ودعوته.
وكانت يهود قد استعدت للقائهما وأعدت فتواها.
أسعفها مكرها فلم تفجأ قريشا بجحد صريح لنبوة طالما بشرت بها، وإنكار مباشر لدين يرفض عبادة الأوثان ويدعو إلى عبادة رب موسى وسائر الأنبياء.
وآثرت أن تشغل القوم بمسائل تبلبل أفكارهم وتعنت نبي الاسلام.

(1) السيرة لابن هشام: 1 / 191.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست