لا يخفى عليه وجه القول، فقدم يثرب على قومه وراح يتحدث إليهم عن معجزة الكتاب العربي المبين، فلم تلبث الخزرج أن قتلته، وفي حسابها أن يثرب ليست بحيث تحتمل وطأة دين جديد، وحسبها ما لقيت من شر يهود، يزعمون أنهم أهل كتاب! (1).
وتكرر المشهد مع وفد آخر من الأوس جاءوا من يثرب، وإن اختلفت الأشخاص واختلف المكان. وكان الأوس، هذه المرة، هم الذين ردوا الاسلام عن يثرب!
قدم (أنس بن رافع) مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل، فيهم إياس بن معاذ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم الأعداء من الخزرج.
وسمع بهم المصطفى عليه الصلاة والسلام، فأتاهم حيث نزلوا بأم القرى، فعرض عليهم الاسلام وتلا فيهم آيات من القرآن.
قال إياس بن معاذ، وكان فتى حدثا سليم الفطرة:
(أي قوم، هذا والله خير مما جئتم فيه، فما كان من زعيم الوفد، أنس بن رافع، إلا أن أخذ حفنة من تراب البطحاء فضرب بها وجه الفتى وهو يقول زاجرا:
(دعنا منك، فلعمري لقد جئنا لغير هذا) (2).
فصمت إياس،