وتذاكروا فيما بينهم أنهم الذين روجوا في العرب لبشرى نبي حان مبعثه، وأنهم كذلك، طالما منوا على العرب الأميين بأنهم أهل كتاب ودين، وهذا النبي العربي يدعو إلى دين مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل، فكيف السبيل إلى تكذيب اليهود بمن بشروا بمبعثه؟ ومن أي طريق يظاهرون عبدة الأوثان على داع إلى عبادة الله، رب موسى وعيسى، وإبراهيم وإسحق وكل الأنبياء المرسلين!؟
الموقف بالغ التعقيد والحرج، ولكن هل يخونهم دهاؤهم فلا يسعفهم بما يحتالون به عليه؟
إنها فرصة سانحة للكيد للاسلام وقريش معا، لو تركوها تفلت منهم لعقوا دماءهم.
من هنا التشاور والمدارسة والتواطؤ، احتيالا على الموقف الصعب والتماسا لمخرج منه، وإعدادا للفتوى يقدمونها إلى وفد قريش المنتظر.
تسامع بنو هاشم بما عزمت عليه قريش من استفتاء يهود يثرب في نبوة محمد بن عبد الله، فتوجسوا شرا من هذه العصابة الخبيثة، واسترجعوا ذكرى بعيدة للعم أبى طالب بن عبد المطلب، حين مر بالراهب (بحيرى) في طريقه إلى الشام في رحلة صيف. وكان قد صحب معه ابن أخيه محمدا، غلاما لم يبلغ العاشرة بعد. فلما رآه الراهب بحيرى توسم فيه مخايل غد موعود، ونصح لعمه (أن يعود