إلى ربه، فليس لديه مال يعوض به الذين أوذوا في سبيل دعوته وخرجوا من ديارهم وأموالهم مهاجرين بدينهم من الفتنة والبلاء.
إنما يعدهم محمد ثواب الآخرة ويبشرهم برضوان من ربه. وفي الذين صدقوه من عرفوا بالحكمة وسداد الرأي، فهل كانوا بحيث يقبلون هذه الصفقة يبيعون فيها دنياهم بالآخرة، لو لم يكونوا موقنين من صدق الوعد؟
وقريش تفهم أن يجود العربي بحياته دفاعا عن شرفه وذودا عن حماه، وتفهم كذلك أن يبذل العربي حياته غضبا لموروث العقائد والتقاليد والأعراف، لكنها ما عهدت قط مثل ذلك الجود السخي الباذل، جهادا في سبيل عقيدة طارئة غير موروثة، يدعو إليها بشر مثلهم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق!
ورابها أكثر، أنه ما من عربي لقي محمدا وأصغى إليه غير معاند، إلا آمن بنبوته وصدق برسالته، وبايعه على الجهاد معه بالنفس والمال!
فماذا لو استفتت أحبار يهود بيثرب، في أمر هذا النبي البشر، لعلهم يحسمون هذا الهاجس من قلق وارتياب؟
إنهم أهل كتاب، لديهم ما ليس لدى العرب الأميين من علم بالنبوة والأنبياء، وعندهم تستطيع قريش أن تلتمس ما تطمئن به إلى