د - وينتقل السيد الشهيد إلى البحث الروائي وإلى ما ردده وأثاره المشككون والخصوم قديما وحديثا بقوله:
" كيف نؤمن فعلا بوجود المهدي؟ وهل تكفي بضع روايات تنقل في بطون الكتب عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) للاقتناع الكامل بالإمام الثاني عشر على الرغم مما في هذا الافتراض من غرابة وخروج عن المألوف؟ بل كيف يمكن أن نثبت أن للمهدي وجودا تأريخيا حقا، وليس مجرد افتراض توفرت ظروف نفسية لتثبيته؟ " هكذا يطرح السيد الشهيد هذا السؤال بكل تفرعاته الممكنة والمنتزع بعضها مما أثاره ويثيره بعض المتأثرين بمناهج الغرب في دراسة تاريخنا الإسلامي وقضايانا الإسلامية مثل أحمد أمين في دراسته (المهدي والمهدوية) ومن سلك هذا المسلك من الخصوم (1).
ويتصدى السيد الشهيد للإجابة عن هذا السؤال متسلحا ومتوسلا بمنطق العقل والدليل العقلي، وعندما يعرض الدليل الروائي أيضا في المقام نجده يعرضه مدعوما بالوثائق والواقع والتجربة التاريخية، ولنسمعه يقول:
" إن فكرة المهدي بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلى الأفضل قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم عموما، وفي روايات أئمة أهل البيت خصوصا، وأكدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقى إليها الشك، وقد أحصي أربعمائة حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من طرق إخواننا أهل السنة، كما أحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهدي من طرق الشيعة والسنة فكانت أكثر من (ستة آلاف رواية)، وهذا - كما يقول السيد الشهيد - رقم إحصائي كبير لا يتوفر نظيره في كثير