عاشتها أمة من الناس فترة امتدت سبعين سنة تقريبا وهي فترة الغيبة الصغرى.
ويعطي السيد الشهيد هنا فكرة عن هذه الغيبة، ويفلسفها، مبينا دور القائد المهدي، ودور سفرائه الأربعة، وما صدر عنه من (توقيعات) أي رسائل وإجابات كلها جرت على أسلوب واحد، وبخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النواب الأربعة المختلفين أسلوبا وسليقة وذوقا وخطا وبيانا، ومثل هذا كاشف بالضرورة عن وجود (الرجل)، لأنه قد ثبت واستقر في الأوساط الأدبية وبما لا يقبل الشك أن الأسلوب هو الرجل، وكل الدارسين والمتذوقين للأدب يدركون هذه الحقيقة بوضوح.
وبعد هذه القرينة والشواهد القوية على وجود الإمام المهدي كما يؤكدها السيد الشهيد يتجه إلى منطق الاستقراء ونظرية الاحتمال لتعزيز ذلك فيقول: " لقد قيل قديما: إن حبل الكذب قصير، ومنطق الحياة يثبت أيضا أن من المستحيل عمليا بحساب الاحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل، وكل هذه المدة، وضمن كل تلك العلاقات والأخذ والعطاء ثم تكسب ثقة جميع من حولها ".
وهكذا يخلص السيد الشهيد إلى القول أخيرا: " أن ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعي، والتسليم بالإمام القائد، بولادته وحياته وغيبته وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد " (1) أي حتى يأذن الله تعالى له بالظهور لتأدية دوره ووظيفته التغييرية الكبرى " فيملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا "، كما بشر بذلك خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا هو ما عليه اعتقاد الإمامية، ومقتضى توقيع الإمام الثاني عشر بإعلانه الغيبة الكبرى.
وأخيرا واستكمالا للبحث، ربما يثير بعضهم سؤالا حول المنهج الذي اتبعه