البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٣٢
وتمهيدا للجواب أعطى إيضاحا لأنواع الإمكان المتصورة أو المعروفة وهي الإمكان العملي، والإمكان العلمي، والإمكان المنطقي أو الفلسفي، وبعد أن بين المقصود بها خلص إلى القول: ب‍ " أن امتداد عمر الإنسان آلاف السنين ممكن منطقيا، لأن ذلك ليس مستحيلا من وجهة نظر عقلية تجريدية "، وأن الإمكان العملي بالنسبة إلى نوع الإنسان ليس متاحا الآن، والتجربة المعاصرة لا تساعد عليه.
أما الإمكان العلمي فلا يوجد ما يبرر رفض ذلك من الناحية النظرية، لأن التجارب آخذه بالازدياد لتحويل الإمكان العلمي إلى إمكان عملي، وهي سائرة بهذا الاتجاه من زاوية محاولاتها لتعطيل قانون الشيخوخة. وفي ضوء هذا لا يبقى مبرر منطقي للاستغراب والإنكار اللهم إلا من جهة أن يسبق (المهدي) العلم نفسه فيتحول الإمكان النظري إلى إمكان عملي في شخصه قبل أن يصل العلم في تطوره إلى مستوى القدرة الفعلية. وهذا أيضا لا يوجد مبرر عقلائي لاستبعاده وإنكاره، إذ هو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء السرطان أو غيره مثلا.
إن هذا السبق - كما يقول السيد الشهيد - في الأطروحة الإسلامية عموما - التي صممت قضية المهدي - قد وقع وحصل في أكثر من مفردة وعنوان، وقد سجل القرآن الكريم نظائر ذلك حين أورد وأشار إلى حقائق علمية تتعلق بالكون والطبيعة وجاء العلم فأزاح الستار عنها أخيرا، والأكثر صراحة أن القرآن قد دون أمثال ذلك كما في مسألة عمر النبي نوح (عليه السلام)، قال تعالى: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) سورة العنكبوت: 14، ثم ينتقل السيد الشهيد إلى افتراض آخر ينشأ عن السابق وهو:
ماذا لو افترضنا أن قانون الشيخوخة قانون صارم، وأن إطالة العمر أكثر من الحد الطبيعي والمعتاد خلاف القوانين الطبيعية التي دلنا عليه الاستقراء؟!
وجوابه: أنه حينئذ يكون من قبيل المعجزة، وهي ليست حالة فريدة في
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»