البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٣٤
لحركة التاريخ، ومستلزمات التغيير الحضاري الشامل، وأثر الحضارات التي ينشأ الإنسان في ظلها على مستوى تفكيره ورؤاه ودوره الحضاري، ثم يكيف المسألة في ضوء رسالة الإسلام والنقلة الحضارية التي يريدها.
وهكذا يحول السيد الشهيد البحث إلى دراسة اجتماعية تعتمد المقولات والمفاهيم الاجتماعية، فضلا عن تأصيل مفاهيم ونظرات اجتماعية مهمة.
ج - ينتقل الشهيد الصدر (رضي الله عنه) بعد ذلك إلى معالجة قضية أكبر ترتبط بقضية المهدي وهي:
(الإمامة المبكرة) أو (كيفية إعداد القائد الرسالي) في نظرية الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية، فيذكر أن هذه الظاهرة (الإمامة المبكرة) عاشتها الأمة فعلا (1)، وقد بلغت ذروتها في الإمام المهدي والإمام الجواد من قبله.
وهذه الظاهرة - كما يقول رضوان الله تعالى عليه - " تشكل مدلولا حسيا عمليا عاشه المسلمون ووعوه في تجربتهم مع الإمام بشكل وآخر، ولا يمكن أن نطالب بإثبات لظاهرة من الظواهر هي أوضح وأقوى من تجربة أمة " (2).
ويورد السيد الشهيد كثيرا من الحقائق التاريخية التي تؤكد هذه الظاهرة، ثم يخلص إلى القول: بأنها أي الإمامة المبكرة في ضوء ذلك كانت ظاهرة واقعية وليست وهما أو مجرد افتراض، وأن لها أمثلة في القرآن الكريم، كما هو الأمر بالنسبة إلى النبي يحيى (عليه السلام)، في قوله تعالى: (وآتيناه الحكم صبيا) سورة مريم: 12. وهذا ما لا يسع المسلم إنكاره.

(1) راجع: الإرشاد / الشيخ المفيد: ص 319 وما بعدها، وأيضا الصواعق المحرقة لابن حجر:
ص 223 و 224.
(2) راجع: الصواعق المحرقة كما سيذكر في محله من الكتاب المحقق ص 94.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»