يداعب الشعور، ويجد عنده الإنسان المسلم استراحة تخلصه من حالة التوتر النفسي عندما تشتد وتتعاظم المحنة - كما هو زعم بعض الباحثين - وإنما (المهدي) يتجسد في إنسان معين (1) حي يعيش مع الناس ويشاركهم همومهم وآلامهم، ويترقب مثلهم اليوم الموعود.
ب - إن هناك صعوبة في استيعاب هذا التصور الأصيل، فقد أثار إشكالات وتساؤلات هي في عقول الناس، وفي حواراتهم المعلنة أو الحبيسة، ومن هنا بدأ الشهيد الصدر (رضي الله عنه) يطرح هذه التساؤلات والإثارات بكل صراحة ووضوح، ثم يشرع في معالجتها بأسلوبه الخاص، وذلك ليضع القضية في محلها الطبيعي ضمن إطار العقيدة الإسلامية التي تقوم أساسا على العقلانية والواقعية والبرهان.
ا - والتساؤل الأول الذي يطرحه السيد الشهيد هو:
" إذا كان المهدي يعبر عن إنسان حي عاصر كل تلك الأجيال المتعاقبة منذ أكثر من عشرة قرون، وسيظل يعاصر امتداداتها، فكيف تأتى له هذا العمر الطويل؟! وكيف نجا من القوانين الطبيعية التي تحتم مروره بمرحلة الشيخوخة والهرم؟! " ثم أخذ ينتقل من سؤال إلى سؤال، ومن إثارة إلى إثارة بترتيب منطقي يمهد الجواب السابق للاحق، وتترابط المضامين والمباحث ترابطا منهجيا محكما.
وبالنسبة إلى السؤال الأول أعاد طرحه كالآتي: هل بالإمكان أن يعيش الإنسان قرونا متطاولة، كما هو المفترض في المهدي الذي طوى من العمر أكثر من ألف ومئة وأربعين سنة (2)؟ وهذه الصياغة للسؤال لا تختلف بشئ عن السابق،