وأما الاتجاه الثاني: فكل الأرقام والشواهد في حياته وتطبيقه العملي تدل بصورة لا تقبل الشك على أنه لم يكن يؤمن بالشورى، ولم يبن ممارساته الفعلية على أساسها، والشئ نفسه نجده في سائر قطاعات ذلك الجيل الذي عاصر وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من المسلمين (29).
وتلاحظ بهذا الصدد للتأكد من ذلك، أن أبا بكر - حينما اشتدت به العلة - عهد إلى عمر بن الخطاب، فأمر عثمان أن يكتب عهده، وكبت " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد به أبو بكر خليفة رسول الله، إلى المؤمنين والمسلمين: سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم.
أما بعد: فإني قد استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا وأطيعوا " (30) ودخل عبد الرحمن بن عوف فقال: كيف أصبحت يا خليفة رسول الله؟ فقال: أصبحت موليا، وقد زدتموني علي ما بي، إذ رأيتموني استعملت رجلا منكم، فكلكم قد أصبح ورما أنفه، وكل يطلبها لنفسه... " (31).