نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٣٤
وأما الاتجاه الثاني: فكل الأرقام والشواهد في حياته وتطبيقه العملي تدل بصورة لا تقبل الشك على أنه لم يكن يؤمن بالشورى، ولم يبن ممارساته الفعلية على أساسها، والشئ نفسه نجده في سائر قطاعات ذلك الجيل الذي عاصر وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من المسلمين (29).
وتلاحظ بهذا الصدد للتأكد من ذلك، أن أبا بكر - حينما اشتدت به العلة - عهد إلى عمر بن الخطاب، فأمر عثمان أن يكتب عهده، وكبت " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد به أبو بكر خليفة رسول الله، إلى المؤمنين والمسلمين: سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم.
أما بعد: فإني قد استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا وأطيعوا " (30) ودخل عبد الرحمن بن عوف فقال: كيف أصبحت يا خليفة رسول الله؟ فقال: أصبحت موليا، وقد زدتموني علي ما بي، إذ رأيتموني استعملت رجلا منكم، فكلكم قد أصبح ورما أنفه، وكل يطلبها لنفسه... " (31).

(٢٩) لاحظ ما جرى يوم السقيفة من نقاش وحجاج، إذ لم يرد للشورى ذكر ولا اسم بل الذي جرى على خلافها، ومنها إطروحة منا أمير ومنكم أمير، وكيف رفض أبو بكر ومن بعده عمر بن الخطاب هذه الفكر، ثم كيف بادر عمر بن الخطاب إلى حسم الموقف بأن أخذ يد أبي بكر، وقال: " ابسط يدك لأبايعك... ".
راجع نصوص السقيفة في تاريخ الطبري / ج 2 / ص 234 وما بعدها، وفي ص 203 طبعة دار التراث، وراجع شرح النهج / لابن أبي الحديد / ج 6 / ص 6 - 9. تحقيق أبو الفضل إبراهيم.
(30) راجع: مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور / ج 18 / ص 310، تاريخ الطبري / ج 2 / ص 352.
(31) تاريخ اليعقوبي / ج 2 / ص 126، طبعة النجف الحيدرية، (الشهيد) وراجع مختصر تاريخ ابن عساكر / ج 18 / ص 310، وتاريخ الطبري / ج 4 / ص 52 / ط 1 / الحسينية المصرية.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة