نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٣٥
وواضح من هذا الاستخلاف، وهذا الاستنكار للمعارضة، أن الخليفة لم يكن يفكر بعقلية نظام الشورى، وأنه كان يرى من حقه تعيين الخليفة، وأن هذا التعيين يفرض على المسلمين الطاعة، ولهذا أمرهم بالسمع والطاعة (32)، فليس هو مجرد ترشيح أو تنبيه، بل هو إلزام ونصب.
ونلاحظ أيضا أن عمر رأى هو الاخر. أيضا، أن من حقه فرض الخليفة على المسلمين، ففرضه في نطاق ستة أشخاص، وأو كل أمر التعيين إلى الستة أنفسهم دون أن يجعل لسائر المسلمين أي دور حقيقي في الانتخاب (33)، وهذا يعني أيضا، أن عقلية نظام الشورى لم تتمثل في طريقة الاستخلاف التي انتهجها عمر، كما لم تتمثل، من

(32) راجع مختصر تاريخ ابن عساكر / ج 18 / ص 312: عن قيس بن أبي حازم، قال: خرج علينا عمر ومعه شديد مولى أبي بكر ومعه جريدة... فقال: أيها الناس اسمعوا قول خليفة رسول الله، إني قد رضيت لكم عمر، فبايعوه، وفي رواية: اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة.
(33) قال عمر لصهيب: صل بالناس ثلاثة أيام، وأدخل عليا وعثمان والزبير وسعدا وعبد الرحمن بن عوف وطلحة، إن قدم، وأحضر عبد الله بن عمر ولا شئ له من الامر وقم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلا وأبي واحد فاشدخ رأسه، أو اضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا رجلا منهم وأبي اثنان فاضرب رؤوسهما، فإن رضي ثلاثة رجلا منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس... " راجع: تاريخ الطبري / ج 2 / ص 581، الكامل في التاريخ / ابن أثير / ج 3 / ص 67 / طبعة دار صار، وهذا النص غني عن التعليق.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة