ليستفيد منها، ويستمتع بمكاسبها، ولا يعنى بحماية مستقبلها بعد وفاته.
وهذا التفسير لا يمكن أن يصدق على النبي محمدا (صلى الله عليه وآله)، حتى إذا لم نلاحظه بوصفه نبيا ومرتبطا بالله سبحانه وتعالى في كل ما يرتبط بالرسالة، وافترضناه قائدا رساليا كقادة الرسالات الأخرى، لان تاريخ القادة الرساليين لا يملك نظيرا للقائد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، في إخلاصه لدعوته، وتفانيه فيها، وتضحيته من أجلها إلى آخر لحظة من حياته. وكل تاريخه يبرهن على ذلك، فقد كان (صلى الله عليه وآله) على فراش الموت وقد ثقل مرضه، وهو يحمل هم معركة كان قد خطط لها، وجهز جيش أسامة لخوضها، فكان يقول: " جهزوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة، أرسلوا بعث أسامة "، يكرر ذلك، ويغمى عليه بين الحين والحين (23)، فإذا كان اهتمام الرسول (صلى الله عليه وآله) بقضية من قضايا الدعوة العسكرية يبلغ إلى هذه الدرجة، وهو يجود بنفسه على فراش الموت، ولا يمنعه علمه بأنه سيموت قبل أن يقطف ثمار تلك المعركة، عن تبنيه لها، وإن تكون همه الشاغل وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فكيف يمكن أن نتصور أن النبي لا يعيش هموم مستقبل الدعوة، ولا يخطط لسلامتها، بعد وفاته (صلوات الله عليه) من الاخطار المرتقبة؟!
وأخيرا فإن في سلوك الرسول (صلى الله عليه وآله) في مرضه