الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٢ - الصفحة ٥٣
وأما قول السلف في لعنه ففيه لأحمد قولان تلويح وتصريح، ولمالك قولان تلويح وتصريح، ولأبي حنيفة قولان تلويح وتصريح، ولنا قول واحد التصريح دون التلويح، وكيف لا يكون ذلك وهو اللاعب بالنرد والمتصيد بالفهود، ومد من الخمر، وشعره في الخمر معلوم، ومنه قوله:
أقول لصحب ضمت الكأس شملهم * وداعي صبابات الهوي يترنم خذوا بنصيب من نعيم ولذة * فكل وإن طال المدى يتصرم ولا تتركوا يوم السرور إلى غد * فرب غد يأتي بما ليس يعلم وكتب فصلا طويلا ثم قلب الورقة وكتب لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل، وكتب فلان بن فلان وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي في مثل هذه المسألة بخلاف ذلك فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد هل يحكم بفسقه أم لا؟ وهل يكون ذلك مرخصا له فيه؟ وهل كان مريدا قتل الحسين أم كان قصده الدفع؟ ويسوغ الترحم عليه أم السكوت عنه أفضل تنعم بإزالة الاشتباه مثابا؟ فأجاب لا يجوز لعن المسلم أصلا، ومن لعن مسلما فهو الملعون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المسلم ليس بلعان وكيف يجوز لعن المسلم؟ ولا يجوز لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص من النبي صلى الله عليه وآله ويزيد صح إسلامه وما صح قتله الحسين ولا أمره به ولا رضاه بذلك ومهما لا يصح ذلك منه لا يجوز ان يظن ذلك به فان إساءة الظن بالمسلم حرام، وقد قال الله تعالى: (اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم)، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى حرم من المسلم دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن السوء، ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به فينبغي ان يعلم به غاية الحماقة، فان من قتل من الأكابر والوزراء والسلاطين في عصره لو أراد ان يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله، ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر على ذلك وإن كان الذي قد قتل في جواره وزمانه وهو
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»