وحكي انه لما عدل عن نسكه يمنعونه دخول المسجد فيهجوهم، وكان يأخذ المداد بالليل فيطرحه في مطاهرهم فإذا توضأوا به سود وجوههم وثيابهم وله في كثرة محبته لعبد المجيد حكايات، ولما مات عبد المجيد رثاه بقصيدته الدالية المشهورة منها قوله:
كل حي لاقى الحمام فمود * ما لحي مؤمل من خلود لا تهاب المنون شيئا ولا * تبقي على والد ولا مولود إن عبد المجيد يوم تولى * هد ركنا ما كان بالمهدود ما درى نعشه ولا حاملوه * ما على النعش من عفاف وجود يحكم الله ما يشاء ويمضي * ليس حكم الاله بالمردود (ابن المنجم) أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور، كان في أول أمره نديم الموفق أبى احمد طلحة بن المتوكل، ثم اختص بمنادمة المكتفي بالله بن المعتضد، وكان متكلما معتزلي الاعتقاد.
وله كتب كثيرة، فمنها كتاب الباهر في اخبار شعراء مخضرمي الدولتين لم يتمه، وتممه ولده أبو الحسن أحمد بن يحيى، وكان أبو الحسن المذكور متكلما فقيها على مذهب أبي جعفر الطبري، له كتب وتوفى يحيى سنة ثلاثمائة، ويأتي ما يتعلق بذلك في المنجم النديم.
(ابن مندة) بفتح الميم وسكون النون أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة بن الوليد الأصبهاني، كان من الحفاظ المشهورين من بيت العلم والحديث، وهو محدث بن محدث إلى خمسة آباء كلهم