مروج الذهب: واما تأريخ أبى جعفر محمد بن جرير الطبري الزاهي على المؤلفات والزائد على الكتب المصنفات فقد جمع أنواع الاخبار وحوى فنون الآثار واشتمل على صنوف العلم وهو كتاب تكثر فائدته وتنفع عائدته وكيف لا يكون ذلك ومؤلفه فقيه عصره وناسك دهره، إليه انتهت علوم فقهاء الأمصار وحملة السنن والآثار، وكذلك تأريخ أبى عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي النحوي الملقب بنفطويه فمحشو من ملاحة كتب الخاصة مملو من فوائد الشاذة وكان أحسن أهل عصره تأليفا وأملحهم تصنيفا انتهى.
وقال ابن خلكان: أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري وقيل يزيد بن كثير بن غالب صاحب التفسير الكبير والتأريخ الشهير كان إماما في فنون كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتأريخ وغير ذلك، وله مصنفات مليحة في فنون عديدة تدل على سعة علمه وغزارة فضله، وكان من الأئمة المجتهدين لم يقلد أحدا وكان أبو الفرج بن المعافى بن زكريا النهرواني المعروف بابن طرار (طراوي خ ل) على مذهبه وكان ثقة في نقله، وتأريخه أصح التواريخ وأثبتها كانت ولادته بآمل طبرستان سنة 224 (ركد) وتوفي سنة 310 (شي) ببغداد، وأبو بكر الخوارزمي ابن أخته انتهى ملخصا.
وحكي عن محمد بن خزيمة قال: ما اعلم على أديم الأرض اعلم منه وكان على ما يحكي عنه مجتهدا حر الفكر صريح القول إذا اعتقد أمرا جاهر به فكثر أخصامه من العامة ولا سيما الحنابلة، لأنه الف كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ولم يذكر فيه ابن حنبل فقيل له ذلك فقال لم يكن فقيها وانما كان محدثا فعظم ذلك على الحنابلة وكانوا لا يحصون عددا في بغداد فنقموا عليه واتهموه بالالحاد وهو لا يهمه ذلك لزهده وقناعته بما كان يرد عليه من قرية خلفها أبوه في طبرستان، فلما توفي في شوال سنة 310 (شي) دفن ليلا في داره، لان العامة اجتمعت ومنعت دفنه نهارا قيل رثاه من أهل الأدب خلق كثير منهم ابن دريد، قال في ذلك: