الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ١ - الصفحة ١٢٧
القراء السبعة، كان اعلم الناس بالقرآن الكريم والعربية والشعر وهو في النحو في الطبقة الرابعة بل الثالثة لان أمير المؤمنين " ع " كان مبتكر النحو وعلمه أبا الأسود الدئلي واخذ من أبى الأسود ولداه عطا وأبو الحارث وميمون الأقرن ويحيى بن يعمر، واخذ منهم عبد الله بن إسحاق الحضرمي وعيسى بن عمر الثقفي وأبو عمرو ابن العلاء المازني. وكان أبو عمرو المذكور من اشراف العرب ووجوهها مدحه الفرزدق وغيره، وكان اعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب، وكانت دفاتره إلى السقف ثم تنسك فأحرقها، وكان له شغف بالرواية وجمع علوم العرب وأشعارهم وعامة اخباره عن اعراب أدركوا الجاهلية، وعنه اخذ أبو زيد الأنصاري وأبو عبيدة والأصمعي وأكثر نحاة ذلك العصر.
وحكي عنه قال قرأت (ومالي لا أعبد الذي فطرني) فاخترت تحريك الياء ها هنا لان السكون ضرب من الوقف فلو سكنت الياء كنت كالذي ابتدأ، وقال (لا أعبد الذي فطرني) فاخترت تحريك الياء هربا من ضرر الوقف، وهذا من أبي عمرو في غاية الدقة والنظر في المعاني اللطيفة.
وحكي أيضا انه قال طلب الحجاج أبي فهرب أبي منه إلى اليمن وكنت معه فبينا نحن نسير يوما في صحراء اليمن إذ لحق بنا رجل وأنشد:
اصبر النفس عند كل مهم * إن في الصبر حيلة المحتال لا تضيقن بالأمور فقد * تكشف غماؤها بغير احتيال ربما تجزع النفوس من الامر * له فرجة كحل العقال فسأله أبى ما الخبر؟ قال مات الحجاج، قال أبو عمرو قد كنت اخترت في قوله تعالى (إلا من اغترف غرفة) فتح الغين وكنت في طلب شاهد ذلك فلما أنشد الرجل شعره سمعته يقول: له فرجة بفتح الفاء، فسررت من ذلك أزيد من سروري بموت الحجاج، وينقل من تقواه: انه كان لما يدخل شهر رمضان لا يقرأ شعرا ولا ينشد بيتا حتى يذهب الشهر. مات سنة 154 (قند) ودفن بالكوفة.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»