أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٤٥٣
ويصفح عن زللهم حرصا على صداقتهم واستبقاءا لودهم، إذ المبالغة في نقدهم وملاحاتهم، باعثة على نفرتهم والحرمان منهم.
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها * كفى المرء نبلا ان تعد معائبه انظر كيف يوصي أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن عليه السلام بمداراة الصديق المخلص والتسامح معه والحفاظ عليه:
احمل نفسك من أخيك عند صرفه على الصلة، وعند صدوده على اللطف والمقاربة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعند جرمه على العذر، حتى كأنك له عبد، وكأنه ذو نعمة عليك.
وإياك ان تضع ذلك في غير موضعه أو تفعله بغير أهله، لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة، وتجرع الغيظ. فاني لم أر جرعه أحلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة، ولن لمن غالظك فإنه يوشك ان يلين لك، وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين، وان أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية ترجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه. ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه. فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه (1).
وقال الإمام الحسن عليه السلام لبعض ولده:
يا بني لا تؤاخ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره، فإذا استبطنت

(1) نهج البلاغة. في وصيته لابنه الحسن عليه السلام.
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»