لا أرى المدينة بعدها، فأصابها عطش شديد في الجحفة حتى خافت على نفسها; قال: فكسرت عينها نحو السماء ثم قالت: يا رب أتعطشني وأنا خادمة بنت نبيك؟!
قال: فنزل إليها دلو من ماء الجنة; فشربت ولم تجع ولم تطعم سنين (1).
كذا هو مقام فاطمة الزهراء (عليها السلام) عند الله، فبمجرد الاستشفاع والتوسل والتشبث بذيل العصمة، وإظهار الانتساب إليها بالخدمة، فقد حفظ روحها ونجت من تلك المهلكة.
وقال الدياربكري: إن أم أيمن شربت من بول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم تعطش بعدها أبدا (2).
ويكفي في علو مرتبة أم أيمن ما رواه في كامل الزيارة عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه بسند صحيح روته السيدة زينب عن أم أيمن، تعزي به سيد الساجدين وتطيب خاطره بعد ما لقاه من مصائب; قالت: حدثتني أم أيمن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زار منزل فاطمة في يوم من الأيام، فعملت له حريرة صلى الله عليها، وأتاه علي (عليه السلام) بطبق فيه تمر، ثم قالت أم أيمن: فأتيتهم بعس فيه لبن وزبد، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) من تلك الحريرة، وشرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشربوا من ذلك اللبن، ثم أكل وأكلوا من ذلك التمر بالزبد... وذكرت مجموعة من مناقب آل الرسول ومصائبهم; والحديث طويل ومعروف بحديث أم أيمن (3).