السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٩
ثالثها أنه تواتر النقل عن علي كرم الله وجهه أنه صلى الله عليه وسلم لم ينص عند موته على خلافة أحد لا هو ولا غيره فقد قيل له كرم الله وجهه كما يأتي حدثنا فأنت الموثوق به والمأمون على ما سمعت فقال لا والله لئن كنت أول من صدق به لا أكون أول من كذب عليه لو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهد في ذلك ما تركت القتال على ذلك ولو لم أجد إلا بردتي هذه وفي رواية ما تركت أخا بني تيم و عدي يعني أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ينوبان على منبره صلى الله عليه وسلم ولقاتلتهما بيدي رابعها أنه لو كان هذا الحديث نصا على إمامته لم يسعه الامتناع من متابعة عمه العباس رضي الله عنه لما قال له العباس اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان هذا الأمر فينا علمنا وأيضا لو كان الحديث نصا لكان لما قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير واحتج عليهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه بأن الأئمة من قريش قالوا له قد ورد النص بخلافة علي كرم الله وجهه ولم يكن بين ذكر الحديث في غدير خم وبين ذلك إلا نحو شهرين فاحتمال النسيان على علي والعباس وعلى جميع الأنصار رضي الله تعالى عنهم من ابعد البعيد على أنه ورد أنه لما قيل لعلي إن الأنصار قالوا منا أمير ومكم أمير قال كرم الله وجهه هلا ذكرت الأنصار قول النبي صلى الله عليه وسلم يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم فكيف يكون الأمر فيهم مع الوصاية بهم ودعوى الرافضة والشيعة أن الصحابة رضوان الله عليهم علموا هذا النص ولم يعملوا به عنادا غير مسموعة إذ هي ظاهرة البطلان لأن في ذلك تضليلا لجميع الصحابة وهم رضي الله تعالى عنهم معصومون عن أن يجتمعوا على ضلالة ومن العجب العجيب أن بغض غلاة الرافضة يقول بتكفير الصحبة بسبب ذلك وأن عليا كرم الله وجهه كفر لأنه أعان الكفار على كفرهم وأما دعواهم أنا عليا ان ترك النزاع في أمر الخلافة تقية وامتثالا لوصيته صلى الله عليه وسلم أن لا يوقع بعده فتنة ولا يسل سيفا فكذب وافتراء إذ كيف يجعله إماما على الأمة ويمنعه أن يسل سيفا على من امتنع من قبول الحق وكيف منع سل السيف على أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم مع قلة أتباعهم وكثرة أتباعه وسله على معاوية رضي الله تعالى عنه مع وجود من معه من الألوف ولما ساغ له أن يقول كما تقدم
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»