السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٥
عند غروب الشمس فلم يصل حتى اتى سرف قال بعضم لعل هذا كان في غير حجة الوداع فإنه صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت بعد الصلاة الصبح فماذا أخره إلى وقف الغروب هذا غريب جدا هذا كلامه وما روى أنه صلى الله عليه وسلم رجع بعد طواف الوداع إلى المحصب غير محفوظ أقول هذا جمع به الإمام النووي رحمه الله بين الروايات المتقدمة عن عائشة حيث قال ووجه الجمع أنه صلى الله عليه وسلم بعث عائشة مع أخيها بعد نزوله المحصب وواعدها أن تلحقه بعد اعتمارها ثم خرج هو صلى الله عليه وسلم بعد ذهابها فقصد البيت ليطوف طواف الوداع ثم رجع بعد فراغه من الطواف الوداع فلقيها وهو صادر وهي داخلة لطواف عمرتها ثم لما فرغت لحقته وهو في المحصب قال وأما قولها فأذن في أصحابه فخرج ومر بالبيت وطاف فمتأول بأن في الكلام تقديما وتأخيرا وإلا فطوافه صلى الله عليه وسلم كان بعد خروجها إلى العمرة وقبل رجوعها وأنه فرغ قبل طوافها للعمرة هذا كلامه فليتأمل فكانت مدة دخوله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وخروجه منها عشرة أيام وهذا السياق يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يأت بعمرة بعد حجة وهو لا يناسب القول بأنه أحرم مفردا بالحج بل يدل للقول بأنه أحرم قارنا أو نواهما بعد إطلاق الإحرام أو ادخل الحج على العمرة وفي كلام بعضهم لم يعتمر صلى الله عليه وسلم تلك السنة عرمة مفردة لا قبل الحج ولا بعده ولو جعل حجه منفردا لكان خلاف الأفضل أي لأنه لم يقل أحد إن الحج وحجه من غير اعتمار في سنته أفضل من القرآن وفي كلام بعض آخر أجمعوا على أنه لم يعتمر بعد الحج فتعين أن يكون متمتعا تمتع قران وقد يطلق الإفراد على الاتيان بأعمال الحج فقط وإن كان قد أحرم بهما معا كما أن القران قد يطلق على الاتيان بطوافين وسعيين فمن روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه أفرد الحج أراد به أنه أتى بأعمال الحج ولم يفرد للعمرة أعمالا ولم أقف على أنه صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة في هذه الحجة التي هي حجة الوداع
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»