السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٦
ويستراح بتلاوته من شدائد الأزمات واشتمل على جميع ما اشتملت عليه جميع الكتب الإلهية وزيادة وقد قال بعض بطارقة الروم لما أسلم لعمر رضي الله تعالى عنه إن آية * (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه) * جمعت جميع ما أنزل على عيسى عليه الصلاة والسلام من أحوال الدنيا والآخرة قال الحليمي في مناجه ومن عظم قدر القرآن أن الله خصه بأنه دعوة وحجة ولم يكن هذا لنبي قط إنما يكون لكل منم دعوة ثم يكون له حجة وغيرها وقد جمعهما الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن فهو دعوة وحجة دعوة بمعانيه حجة بألفاظه وكفى الدعوة شرفا أن تكون حجتها معها وكفى حجتها شرفا أن لا تنفصل دعوتها عنها وجمع كل شيء أي خصوصا الإخبار بالمغيبات وتوحد على طبق ما أخبر به والإخبار عن القرون السالفة كقصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام وقصة أهل الكهف وقصة ذي القرنين والأمم الماضية كقصص الأنبياء مع أممهم وتيسره للحفظ ولا تنقضى عجائبه ولا تشبع منه العلماء ولا تزيع به الأهواء ومنها شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم أي والتآمه من غير حصول أدنى ضرر ولا مشقة مع تكرر ذلك أربعا أو خمسا كما تقدم ومنها إخباره صلى الله عليه وسلم عن صفة بيت المقدس أي لما أخبر قريشا بأنه أسرى به إلى بيت المقدس كما تقدم ومنها إخباره صلى الله عليه وسلم بموت النجاشي يوم موته وصلاته عليه مع أصحابه فقال المنافقون انظروا هذا يصلي على علج نصراني أي لم يره قط فأنزل الله تعالى * (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم) * الآية ومنا انشقاق القمر كما تقدم ومنها ان الملأ من قريش لما تعاقدوا على قتله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة وجاءوا إلى منزله صلى الله عليه وسلم وقعدوا إلى بابه فخرج عليهم وقد خفضوا أبصارهم وسقطت ذقونهم في صدورهم وأقبل صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم فقبض قبضة من تراب والقبضة بضم القاف الشيء المقبوض وبفتحها المرة الواحدة
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»