قوله من دخل دار أبي سفيان فهو امن إلى الخ وانما لم يقسمها لأنها دار المناسك فكل مسلم له فيها حق أقول هذا واضح في غير دورها وسيأتي الجواب عن ذلك وبما قررناه يعلم أن قول المواهب قاتل صلى الله عليه وسلم في تسع بنفسه فيه نظر ظاهر لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقاتل بنفسه في شيء من تلك الغزوات الا في أحد كما سيأتي وكأنه اغتر في ذلك بقول بعضهم المتقدم قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد علمت المراد منه والله أعلم ولا يخفى انه صلى الله عليه وسلم مكث بضع عشرة سنة ينذر بالدعوة بغير قتال صابرا على شدة أذية العرب بمكة واليهود بالمدينة له صلى الله عليه وسلم ولأصحابه لامر الله تعالى له بذلك أي بالانذار والصبر على الأذى والكف بقوله * (فأعرض عنهم) * وبقوله * (واصبر) * ووعده بالفتح أي فكان يأتيه أصحابه بمكة ما بين مضروب ومشجوج فيقول صلى الله عليه وسلم لهم اصبروا فاني لم أؤمر بالقتال لأنهم كانوا بمكة شرذمة قليلة ثم لما استقر امره صلى الله عليه وسلم أي بعد الهجرة وكثرت اتباعه وشانه ان يقدموا محبته على محبة ابائهم وأبنائهم وأزواجهم واصر المشركون على الكفر والتكذيب اذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أي ولأصحابه في القتال أي وذلك في صفر من السنة الثانية من الهجرة لكن لمن قاتلهم وابتداهم به بقوله * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * قال بعضهم ولم يوجبه بقوله تعالى * (أذن للذين يقاتلون) * أي للمؤمنين ان يقاتلوا * (بأنهم ظلموا) * أي بسبب انهم ظلموا * (وإن الله على نصرهم لقدير) * أي فكان ذلك القتال عوضا من العذاب الذي عوملت به الأمم السالفة لما كذبت رسلهم وذكر في سبب نزول قوله تعالى * (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) * الآية ان جماعة منهم عبد الرحمن بن عوف والمقداد بن الأسود وقدامة بن مظعون وسعد بن أبي وقاص وكانوا يلقون من المشركين اذى كثيرا بمكة فقالوا يا رسول الله كنا في عز ونحن مشركون فلما امنا صرنا أذلة فاذن لنا في قتال هؤلاء فيقول لهم كفوا أيديكم عنهم فاني لم اومر بقتالهم فلما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وامر بالقتال للمشركين كرهه بعضهم وشق عليه ذلك فانزل الله تعالى الآية لا يقال يدل لما تقدم من أنه قاتل صلى الله عليه وسلم بنفسه في تلك الغزوات ما جاء
(٣٤٣)