السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٨
أي ومن غريب الاتفاق ان أم ابان بنت عتبة بن ربيعة المذكور كان لها أربعة اخوة وعمان كل منهم حضر بدرا اثنان من اخوتها مسلمان واثنان مشركان وواحد من عميها مسلم ولاخر كافر فالاخوان المسلمان أبو حذيفة ومصعب بن عمير ولعله كان أخاها لامها والكافران الوليد بن عتبة وأبو عزيز العم المسلم معمر بن الحارث ولعله كان أخا لعتبة لأمه والعم الكافر شيبة بن ربيعة وكان من حكمة الله تعالى ان الله جعل المسلمين قبل ان يلتحم القتال في أعين المشركين قليلا استدراجا لهم ليقدموا ولما التحم القتال جعلهم الله في أعين المشركين كثيرا ليحصل لهم الرعب والوهن وجعل الله المشركين عند التحام القتال في أعين المسلمين قليلا ليقوى جأشهم على مقاتلتهم ومن ثم جاء عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل أتراهم سبعين قال أراهم مائة وانزل الله تعالى * (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم) * ومن ثم قال الله تعالى * (قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم) * أي يرى أولئك الكفار المؤمنين مثليهم رأى العين أي وقد ذكر ان قباث بن اشيم رضى الله تعالى عنه فإنه اسلم بعد ذلك قال في نفسه يوم بدر لو خرجت نساء قريش باكمتها لردت محمدا وأصحابه وعنه أنه قال لما كان بعد الخندق قدمت المدينة سالت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا هو ذاك في محل المسجد مع ملأ من أصحابه فاتيته وانا لا اعرفه من بينهم فسلمت عليه فقال صلى الله عليه وسلم يا قباث أنت القائل يوم بدر لو خرجت نساء قريش بأكمتها ردت محمدا وأصحابه فقال قباث والذي بعثك بالحق ما تحدث به لساني ولا ترفرفت به شفتاي ولا سمعه مني أحد وما هو الا شئ هجس في قلبي وحينئذ يكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم له أنت القائل أي في نفسك اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وان ما جئت به الحق ولما بلغ عتبة ما قاله أبو جهل قال سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره انا أم هو وقد تقدم معنى مصفر استه وذكر السهيلي هنا ان هذه الكمة لم يخترعها عتبة ولا هو أبو عذرتها فقد قيلت لبعض الملوك وكان مترفها لا يغزو في الحروب يريدون صفرة الخلوق والطيب وسادة
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»