السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
اذنه ويذبح الاخر ويقول هذا عن محمد وال محمد فياكل هو وأهله منهما ويطعم المساكين ولم يترك الأضحية قط وهل كانت الأنبياء من بعد إبراهيم تضحي هم وأممهم أو هم خاصة وكان في مسجده صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة قبل ان يوضع له المنبر يخطب ويسند ظهره إلى أسطوانة من جذوع النخل أو من الدوم وهو شجر المقل وعبارة بعضهم كان يخطب الناس وهو مستند إلى جذع عند مصلاه في الحائط القبلي فلما كثر الناس أي وقالوا له صلى الله عليه وسلم لو اتخذت شيئا تقوم عليه إذا خطبت يراك الناس وتسمعهم خطبتك فقال ابنوا لي منبرا فلما بنى له المنبر عتبتين اى ومحل الجلوس فكان ثلاث درجات وقام عليه في يوم جمعة أي وخطب وفي لفظ لما عدل إلى المنبر ليخطب عليه وجاوز ذلك الجذع سمع لتلك الأسطوانة حنين كحنين الوالة بصوت هائل سمعه أهل المسجد حتى ارتج اى اضطرب المسجد وكثر بكاء الناس لذلك ولا زالت تحن حتى تصدعت وانشقت اى وفي رواية سمع له صوت كصوت العشار اى النوق التي اتى لحملها عشرة اشهر وقيل التي اخذ ولدها وفي بعض الروايات كحنين الناقة الحاوج وهي التي انتزع ولدها منها وفي رواية جأر بفتح الجيم وبعدها همزة مفتوحة اى صوت أو بالحاء المعجمة بلا همزة وهو بمعناه كخوار الثور فنزل صلى الله عليه وسلم فالتزمها وحضنها أي فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت فيسكت أي وفي كلام بعضهم وذكر الأسفرايني ان النبي صلى الله عليه وسلم دعاه إلى نفسه فجاءه يخرق الأرض فالتزمه فعاد إلى مكانه وفى رواية ووضع يده عليها وقال لها اسكني واسكتي فسكتت وفي رواية ان هذا اى الجذع يبكي لما فقد من الذكر والذي نفسي بيده لو لم التزمه لم يزل هكذا أي يحن إلى يوم القيامة زاد في رواية حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله لما فقد من الذكر هو واضح على الرواية الأولى واما على الثانية فالمراد لما يفقده من الذكر والى حنين الجذع أشار الامام السبكي رحمه الله تعالى في تائيته بقوله * وحن إليك الجذع حين تركته * حنين الثكالى عند فقد الأحبة * وعن بعضهم قال قال لي الإمام الشافعي رضى الله تعالى عنه ما اعطى الله نبيا ما اعطى محمدا صلى الله عليه وسلم فقلت اعطى عيسى احياء الموتى فقال اعطى
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»