السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٧١
ويشكل عليه قول عائشة رضى الله تعالى عنها في قصة الافك فثار الحيان الأوس والخزرج حتى كادوا ان يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر لان قصة الافك كانت في سنة خمس ثم رايت في كتاب الشريعة للاجرى عن انس بن مالك رضى الله تعالى عنه كان صلى الله عليه وسلم يخطب مسندا ظهره إلى خشبة فلما كثر الناس قال ابنوا لي منبرا فبنوا له عتبتين أي غير المستراح فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة الحديث وعن سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه لما كثر الناس وصار يجئ القوم ولا يكادون يسمعون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة قال الناس يا رسول الله قد كثر الناس وكثير منهم لا يكاد يسمع كلامك فلو انك اتخذت شيئا تخطب عليه مرتفعا من الأرض ويسمع الناس كلامك فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى غلام نجار لامرأة من الأنصار فاتخذ له مرقاتين من طرفاء الغابة فلما قام حنت الخشبة التي كان يخطب إليها هذا كلامه وهو موافق لما تقدم عن الأصل في الحوادث والذي ينبغي الجمع بين الروايتين لان ما علم من أن اتخاذ المنبر من طرفاء الغابة كان بعد اتخاذه من الطين لأنه أقوى في الارتفاع من منبر الطين وكون حنين الجذع عند اتخاذ المنبر من الطرفاء من تصرف بعض الرواة لان حنينه انما كان عند اتخاذ المنبر من الطين ولم يتكرر حنينه كما تقدم ولما ولى معاوية الخلافة كسا ذلك المنبر قبطية ثم كتب إلى عاملة بالمدينة وهو مروان ابن الحكم ان يرفع ذلك المنبر عن الأرض فدعا بالنجارين وفعل ست درج ورفع ذلك المنبر عليها فصارت تسع درجات وهذا يدل على أن قوله فاتخذ له مرقاتين أي غير المستراح ومن ثم تقدم فعمل له درجات وقيل امره بحمله إلى الشام فلما أرادوا قلعة اظلمت المدينة وكسفت الشمس حتى بدت النجوم وثارت ريح شديدة فخرج مروان إلى الناس فخطبهم وقال يا أهل المدينة انكم تزعمون أن أمير المؤمينن بعث إلى أن ابعث اليه بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين اعلم بالله من أن يغير منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم انما امرني ان أكرمه وارفعه ففعل ما تقدم وقيل إن معاوية لما حج أراد ان ينقل المنبر إلى الشام فحصل ما تقدم من كسوف
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»