السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٨
قول ابن جرير رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلى صلاة ثلاث حجج ثم هاجر فصلى اليه ثم وجهه الله تعالى إلى الكعبة هذا كلامه ومن ثم قال الحافظ ابن حجر هذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين قيل وكان امره بمداومة استقبال بيت المقدس ليتالف أهل الكتاب لأنه كان ابتداء الأمر يحب ان يتألف أهل الكتاب فيما لم ينه عنه فلا يخالف ما سبق من أنه كان يحب ان يستقبل الكعبة كراهة لموافقة اليهود في استقبال بيت المقدس ولا يخالف هذا قول بعضهم كان صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه وبعد الفتح يحب مخالفتهم لجواز ان يكون ذلك أغلب أحواله وقد يؤخذ من أن استدامة استقباله لبيت المقدس كان لتالف أهل الكتاب جواب عما يقال إذا كانت الكعبة قبلة الأنبياء كلهم فلم وفق إلى استقبال بيت المقدس هو بمكة بناء على أن صلاته لبيت المقدس وهو بمكة كانت باجتهاد وحاصل الجواب انه امر بذلك أو وفق اليه لأنه سيصير إلى قوم قبلتهم بيت المقدس ففيه تاليف لهم وقد يوافقه ما في الأصل عن محمد بن كعب القرظي قال ما خالف نبي نبيا قط في قبلة الا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس أي فهو مخالف لغيره من الأنبياء في ذلك وهذا موافق لما تقدم عن أبي العالية كانت الكعبة قبلة الأنبياء أي ثم في السنة المذكورة التي هي الثانية فرض صوم رمضان وفرضت زكاة الفطر وطلبت الأضحية أي استحبابا وعن أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان أي على ما تقدم وكان صلى الله عليه وسلم يصوم هو وأصحابه قبل فرض رمضان ثلاثة أيام من كل شهر أي وهي الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر قيل وجوبا فعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر الأيام البيض في حضر ولا سفر وكان يحث على صيامها وقيل كان الواجب عليه صلى الله عليه وسلم قبل فرض رمضان صوم عاشوراء ثم نسخ ذلك بوجوب رمضان وعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم ففي البخاري ثم عن ابن عمر رضى
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»