السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٧
صلاتكم إلى بيت المقدس وذكر في الأصل ان الصحابة قالوا مات قبل ان تحول قبل البيت رجال وقتلوا أي وهم عشرون ثمانية عشر من أهل مكة واثنان من الأنصار وهما البراء بن معرور واسعد بن زرارة فلم ندر ما نقول فيهم فانزل الله تعالى * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * الآية ولفظة القتل وقعت في البخاري وأنكرها الحافظ ابن حجر فقال ذكر القتل لم أره الا في رواية زهير وباقي الروايات انما فيها ذكر الموت فقط ولم أجد في شئ من الاخبار ان أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع فان كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد ثم قال وذكر لي بعض الفضلاء انه يجوز ان يراد من قتل بمكة من المستضعفين كابوي عمار فقلت يحتاج إلى ثبوت ان قتلهما كان بعد الاسراء هذا كلام الحافظ وفيه ان الركعتين اللتين كان يصليهما هو والمسلمون بالغداة وبالعشى قبل فرض الصلوات الخمس كانتا لبيت المقدس فقد تقدم انه كان يصلي هو وأصحابه إلى الكعبة ووجوههم إلى بيت المقدس فكانوا يصلون بين الركنين اليماني والذي عليه الحجر الأسود لأجل استقبال بيت المقدس وتقدم انه صلى الله عليه وسلم لم يلتزم ذلك بل كان في بعض الأوقات يصلى إلى الكعبة في أي جهة أراد ثم لما قدم المدينة صار يستقبل بيت المقدس ويستدبر الكعبة إلى وقت التحويل ومن ثم قال في الأصل ولما كان صلى الله عليه وسلم يتحرى القبلتين جميعا أي يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس لم يتبين توجهه إلى بيت المقدس للناس حتى خرج من مكة أي فإنه استدبر الكعبة واستقبل بيت المقدس فقول ابن عباس لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واليهود يستقبلون بيت المقدس امره الله تعالى ان يستقبل بيت لامقدس معناه امره الله تعالى ان يستمر على استقبال بيت المقدس وهذا هو المراد بقوله الذي نقله بعضهم عنه وهو انه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة فلما هاجروا امره الله تعالى ان يصلي نحو صخرة بيت المقدس أي يستمر على ذلك ويستدبر الكعبة ثم امره الله باستقبال الكعبة واستدبار بيت المقدس فلم يقع النسخ مرتين كما قد يفهم من ظاهر السياق ومن
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»