السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٠
وفى سفر السعادة قال العلماء البكاء على عشرة أنواع بكاء فرح وبكاء حزن لما فات وبكاء رحمة وبكاء خوف لما يحصل وبكاء كذب كبكاء النائحة فإنها تبكى بشجو غيرها وبكاء موافقة بأن يرى جماعة يبكون فيبكى مع عدم علمه بالسبب وبكاء المحبة والشوق وبكاء الجزع من حصول ألم لا يحتمله وبكاء الخور والضعف وبكاء النفاق وهو أن تدمع العين والقلب قاس والبكى بالقصر دمع العين من غير صوت والممدود ما كان معه صوت وأما التباكي فهو تكلف البكاء وهو نوعان محمود ومذموم فالأول ما يكون لاستجلاب رقة القلب وهو المراد بقول سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه لما رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يبكيان في شأن أسارى بدر أخبرني ما يبكيك يا رسول الله فإن وجدت بكاء بكيت وإلا تباكت ومن ثم لم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم ذلك والثاني ما يكون لأجل الرياء والسمعة قال أبو بكر فخذ بأبى أنت وأمي يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين فإني أعددتهما للخروج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بالثمن أي لتكون هجرته صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى بنفسه وماله أي وإلا فقد أنفق أبو بكر رضى الله تعالى عنه أكثر ماله عليه صلى الله عليه وسلم أي فعن عائشة رضى الله تعالى عنها أنفق أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألف درهم وفى لفظ دينار ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم ليس من أحد أمن على في أهل ومال من أبى بكر وفى رواية ما أحد أمن على في صحبته وذات يده من أبى بكر وما نفعني مال أبى بكر فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله وفى رواية ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا الله يكافئه بها يوم القيامة أقول ولا ينافي كونه صلى الله عليه وسلم أخذ إحدى ناقتي أبى بكر بالثمن ما رواه أبان بن أبي عياش أحد التابعين عن أنس رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر رضى الله تعالى عنه ما أطيب مالك منه بلال مؤذني وناقتى التي هاجرت عليها وزوجتني ابنتك وواسيتنى بمالك كأني أنظر إليك على باب الجنة تشفع لأمتي لأن أبان بن أبي عياش معدود من الضعفاء وقد قال شعبه لأن أشرب من بول حمار حتى أروى أحب إلى من أن أقول حديثاعن أبان بن أبي عياش وقال فيه مرة أخرى لأن يزنى الرجل من أن يروى عن
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»