السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٩٧
قال بتفضيل مكة على المدينة وهم الجمهور ومنهم إمامنا الشافعي رضى الله تعالى عنه واستندوا في ذلك إلى أنه صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع أي بلد تعلمونه أعظم حرمة قالوا لا نعلم إلا بلدنا هذه يعنون مكة وهذا إجماع من الصحابة أقرهم عليه صلى الله عليه وسلم أنها أي مكة أفضل من سائر البلاد لأن ما كان أعظم حرمة فهو أفضل وقد قال صلى الله عليه وسلم المقام بمكة سعادة والخروج منها شقاوة وقال صلى الله عليه وسلم من صبر على حر مكة ساعة من نهار تباعدت عنه جهنم مسيرة مائة عام قال ابن عبد البر وإني لأعجب ممن ترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله والله إني لأعلم أنك خير أرض وأحبها إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت وهذا حديث صحيح ويميل إلى تأويل لا يجامع ما تأوله عليه أي ولأن الحسنة فيها بمائة ألف حسنة فعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج ماشيا كتبت له بكل خطوه سبعمائة حسنة من حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال الحسنة فيه بمائة ألف حسنة والكلام في غير ماضم أعضاءه الشريفة صلى الله عليه وسلم من أرض المدينة وإلا فذاك أفضل بقاع الأرض بالإجماع بل حتى من العرش والكرسي على أن صاحب عوارف المعارف ذكر أن الطوفان موج تلك التربة المكرمة عن محل الكعبة حتى أرساها بالمدينة فهي من جملة أرض مكة وحينئذ لا يحسن الاستنادفى تفضيل المدينة على مكة بقول أبى بكر رضى الله تعالى عنه إنهم لما اختلفوا في أي محل يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبضه الله إلا في أحب البقاع إليه ليدفن فيه كما سيأتي والله أعلم وعن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت بينا نحن جلوس يوما في بيت أبى بكر الصديق في نحر الظهيرة أي وسطها وهو وقت الزوال قال قائل لأبى بكر أي وهذا القائل هي أسماء بنت أبي بكر وفى كلام بعض الحفاظ يحتمل أن يفسر بعامر بن فهيرة أي مولى أبى بكر قالت أسماء قلت يا أبت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا أي متطيلسا في ساعة لم يكن يأتينا فيها أي فعن عائشة رضى الله تعالى عنها لم يمر علينا يوم أي قبل الهجرة إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشيا
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»