السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٧٧
هذا وقد جاء أنهم أي أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة فقد أخرج البزار عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم فيسألهم ربهم فيقولون ربنا لم ترسل لنا رسولا ولم يأتنا لك أمر ولو أرسلت إلينا رسولا لكنا أطوع عبادك فيقول لهم ربهم أرأيتم إن أمرتكم بأن تطيعوني فيأخذ على ذلك مواثيقهم فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا فرجعوا فقالوا ربنا فرقنا منها ولا نستطيع أن ندخلها فيقول أدخلوها داخرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردا وسلاما قال الحافظ ابن حجر فالظن بآله صلى الله عليه وسلم يعني الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الامتحان إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقر عينه ويرجو أن يدخل عبد المطلب الجنة في جماعة من يدخلها طائعا إلا أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن به أي بعد أن طلب منه الإيمان ومما استدل به الحافظ السيوطي على أن أبويه صلى الله عليه وسلم ليسا في النار قال لأنهما لو كانا في النار لكانا أهون عذابا من أبي طالب لأنهما أقرب منه وأبسط عذرا لأنهما لم يدركا البعثة ولا عرض عليهما الإسلام فامتنعا بخلاف أبي طالب وقد أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم أنه أهون أهل الناس عذابا فليسا أبواه صلى الله عليه وسلم من أهلها قال وهذا يسمى عند أهل الأصول دلالة الإشارة وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أهل بيته أي ولا أحد من أشراف قريش إجلالا له فكان بنوه وسادات قريش يحدقون به فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر أي شديد قوى حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخره عنه فيقول عبد المطلب إذا رأى أي علم ذلك منهم دعوا ابني فوالله إن له لشأنا ثم يجلسه عليه معه ويمسح ظهره ويسره ما يراه يصنع قال وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما دعوا بني يجلس فإنه يحس من نفسه بشيء أي بشرف وأرجو أن يبلغ من الشرف مالم يبلغه به عربي قبله ولا بعده وفي رواية دعوا ابني إنه ليؤنس ملكا أي يعلم من نفسه أن له ملكا وفي لفظ ردوا ابني إلى مجلسي فإنه تحدثه نفسه بملك عظيم وسيكون له شأن
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»