السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٧٤
فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة وفي لفظ تذكركم الموت وهذا الحديث أي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها على تسليم ضعفه أي دون وضعه لا يكون ناسخا للأحاديث الصحيحة أقول ذكر الواحدي في أسباب النزول أن آيتي ما كان للنبي والذين آمنوا وما كان استغفار إبراهيم لأبيه نزلتا لما استغفر صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب بعد موته فقال المسلمون ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذي قرابتنا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لعمه وقد استغفر إبراهيم لأبيه أي فنزولهما كان عقب موت أبي طالب لا يقال جاز أن تكون آية ما كان للنبي تكرر نزولها لما استغفر صلى الله عليه وسلم لعمه ولما استغفر لأمه لأنا نقول كونه يعود للاستغفار بعد أن نهى عنه فيه ما فيه أو المراد بالنسخ المعارضة يعنى قول ابن شاهين إنه ناسخ أحاديث النهى عن الاستغفار أي معارض لها إذ لا معنى للنسخ هنا على أنه لا معارضة لأن النهي عن الاستغفار لها كان قبل أن تؤمن وإذا ثبت ما تقدم عن عائشة رضي الله تعالى عنها وما بعده كان دليلا لمن يقول قبر أمه صلى الله عليه وسلم بمكة وعلى كونها دفنت بالأبواء اقتصر الحافظ الدمياطي في سيرته وكذا ابن هشام في سيرته وفي الوفاء عن ابن سعد أن كون قبرها بمكة غلط وإنما قبرها بالأبواء وقد يقال على تقدير صحة الحديثين أي أنها دفنت بالأبواء وأنها دفنت بمكة يجوز أنها تكون دفنت أولا بالأبواء ثم نقلت من ذلك المحل إلى مكة فعلم أن بكاءه صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يحييها الله له وتؤمن به ومن ثم قال الحافظ السيوطي إن هذا الحديث أي حديث عائشة قيل إنه موضوع لكن الصواب ضعفه لا وضعه هذا كلامه ويجوز أن يكون قوله لشخصين أمي وأمكما في النار على تقدير صحته التي ادعاها الحاكم في المستدرك كان قبل إحيائها وإيمانها به كما تقدم نظير ذلك في أبيه صلى الله عليه وسلم وقولنا على تقدير صحة الحديث إشارة لما تقرر في علوم الحديث أنه لا يقبل تفرد
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»