الحاكم بالتصحيح في المستدرك لما عرف من تساهله فيه في التصحيح وقد بين الذهبي ضعف هذا الحديث وحلف على عدم صحته يمينا وتقدم الجواب عما يقال كيف ينفع الإيمان بعد الموت وتقدم ما فيه على أن هذا أي منع الاستغفار لها إنما يأتي على القول أن من بدل أو غير أو عبد الأصنام من أهل الفترة معذب وهو قول ضعيف مبنى على وجوب الإيمان والتوحيد بالعقل والذي عليه أكثر أهل السنة والجماعة أنه لا يجب ذلك إلا بإرسال الرسل ومن المقرر أن العرب لم يرسل إليهم رسول بعد إسماعيل فإن إسماعيل انتهت رسالته بموته كبقية الرسل لأن ثبوت الرسالة بعد الموت من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فعليه أهل الفترة من العرب لا تعذيب عليهم وإن غيروا أو بدلوا أو عبدوا الأصنام والأحاديث الواردة بتعذيب من ذكر أي من غير أو بدل أو عبدالأصنام مؤولة أو خرجت مخرج الزجر للحمل على الإسلام ثم رأيت بعضهم رجح أن التكليف بوجوب الإيمان بالله تعالى وتوحيده أي بعدم عبادة الأصنام يكفى فيه وجود رسول دعا إلى ذلك وإن لم يكن ذلك الرسول مرسلا لذلك الشخص بأن لم يدرك زمنه حيث بلغه أنه دعا إلى ذلك أو أمكنه علم ذلك وأن التكليف بغير ذلك من الفروع لا بد فيه من أن يكون ذلك الرسول مرسلا لذلك الشخص وقد بلغته دعوته وعلى هذا فمن لم يدرك زمن نبينا صلى الله عليه وسلم ولا زمن من قبله من الرسل معذب على الإشراك بالله بعبادة الأصنام لأنه على فرض أن لا تبلغه دعوة أحد من الرسل السابقين إلى الإيمان بالله وتوحيده لكنه كان متمكنا من علم ذلك فهو تعذيب بعد بعث الرسل لا قبله وحينئذ لا يشكل ما أخرجه الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بعث الله نبيا إلى قوم ثم قبضه إلا جعل بعده فترة يملأ من تلك الفترة جهنم ولعل المراد المبالغة في الكثرة وإلا فقد أخرج الشيخان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيرتد بعضها إلى بعض وتقول قط قط أي حسبي بعزتك وكرمك وأما بالنسبة لغير الإيمان والتوحيد من الفروع فلا تعذيب على
(١٧٥)